– كشفت وثائق مالية صدرت حديثا أن حكومات ست دول أجنبية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، أنفقت أكثر من 700 ألف دولار في فندق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في واشنطن خلال العامين الأولين من رئاسته.
وتقدم الوثائق الجديدة دليلا ملموسا على إنفاق حكومات أجنبية أموالا مباشرة مع الشركات المملوكة لترامب، والتي يقول الديمقراطيون في لجنة الرقابة بمجلس النواب إنها تثير أسئلة جديدة حول الجهود المحتملة للتأثير على الرئيس الامريكي السابق من خلال شركاته أثناء وجوده في البيت الأبيض.
وتم الحصول على سجلات المحاسبية الفندقية من قبل لجنة الرقابة في مجلس النواب من خلال شركة المحاسبات السابقة لترامب (مزارز) .
وتم تزويد اللجنة، التي حققت في أعمال ترامب وتأجيره لممتلكات من الحكومة، بالسجلات بعد معركة قضائية استمرت سنوات وانتهت بتسوية في سبتمبر/ أيلول.
وفي حين أن الوفود الأجنبية بقيت في الفندق خلال فترة وجود ترامب بمنصبه، فإن الوثائق، التي تشمل نفقات الصين والسعودية وقطر وتركيا وماليزيا والإمارات، تقدم أول سجلات محاسبية مفصلة لتلك الإقامات.
وأصبح فندق ترامب، الذي افتتحه في عام 2016، نقطة جذب للموالين لدونالد ترامب والجمهوريين وأعضاء جماعات الضغط الذين يأملون في الوصول إلى مسؤولي الإدارة.
ولطالما كان الفندق مصدر انتقادات من جانب الديمقراطيين، الذين اتهموا دونالد ترامب بانتهاك بند الأجور في الدستور، الذي يحظر على الرئيس تلقي “مكافأة أو ربح من أي ملك أو أمير أو دولة أجنبية” ما لم يوافق الكونغرس عليها.
وشمل الإنفاق في السجلات أكثر من 250 ألف دولار من قبل ماليزيا، وأكثر من 280 ألف دولار من قبل قطر، وأكثر من 90 ألف دولار من السعوديين، وأكثر من 74 ألف دولار من الإمارات.
وبالإضافة إلى ذلك، أنفقت جماعات الضغط والشركات الأخرى التي لها صلات بالحكومات الأجنبية عشرات الآلاف من الأموال الإضافية في ممتلكات ترامب بواشنطن.
ولا يوجد دليل على أن الإنفاق الخارجي في فندق ترامب، الذي باعته منظمة ترامب في وقت سابق من هذا العام، أثر بشكل مباشر على السياسة الأمريكية، لكن العديد من الإقامات في الفندق تزامنت مع أحداث مهمة في السياسة الخارجية، بما في ذلك اجتماعات بين دونالد ترامب وقادة أجانب آخرين وجهود الولايات المتحدة لحل أزمة مقاطعة الدول الأربع لقطر عام 2017.
وأرسلت اللجنة رسالة، الاثنين، إلى الأرشيف الوطني توضح بالتفصيل أجزاء مما كان موجودا في سجلات المحاسبية المنقحة جزئيا وتطلب سجلات رئاسية إضافية تتعلق بفندق ترامب والحكومات الأجنبية “لتحديد ما إذا كان الرئيس السابق ترامب قد شوه السياسة الخارجية الأمريكية لخدمة مصالحه المالية الخاصة”.
وقالت رئيسة لجنة الرقابة في مجلس النواب كارولين مالوني، في بيان : “هذه الوثائق تثير التساؤل بشدة عن مدى توجيه المصلحة المالية الشخصية للرئيس ترامب أثناء توليه المنصب على حساب رعاية المصالح العليا للشعب الأمريكي. هذه الوثائق، التي تواصل اللجنة الحصول عليها من (مزارز)، سترشد جهودنا التشريعية لضمان أن الرؤساء المستقبليين لا يسيئون استخدام مناصبهم في السلطة لتحقيق مكاسب شخصية”.
وقال متحدث باسم الأرشيف الوطني، إنهم “تلقوا الخطاب وسوف يردون وفقا لقانون السجلات الرئاسية”.
ويأتي إعلان اللجنة عن وثائق ترامب المالية قبل يوم واحد من إصدار دونالد ترامب “لإعلان خاص” في منتجعه “مار اي لاغو” في فلوريدا ، حيث من المتوقع أن يطلق الرئيس السابق حملة أخرى للترشح للرئاسة في عام 2024.
وتخضع المعاملات التجارية لترامب، وكذلك تعاملات أفراد أسرته، للتدقيق منذ سنوات، واستمر ذلك في الأشهر التي تبعت تركه منصبه.
وبدأت لجنة الرقابة في مجلس النواب تلقي الوثائق المالية من شركة “مزارز” في سبتمبر/ أيلول بعد التوصل إلى اتفاق لإنهاء التقاضي بشأن الوثائق، واستدعت اللجنة الشركة لأول مرة من أجل سجلات ترامب المالية المتعلقة بفندقه في إبريل/ نيسان 2019.
وليس واضحا ما هي النفقات الأخرى في فندق ترامب السابق في واشنطن، من الحكومات الأخرى المدرجة في الوثائق المقدمة إلى اللجنة، أو مقدار الإنفاق الأجنبي الذي ساهم في إجمالي إيرادات الفندق.
وتواصلنا مع سفارات الدول المدرجة في وثائق الرقابة بمجلس النواب للحصول على تعليق.
وقال إريك ترامب في تصريح ردا على أسئلة حول الإنفاق الخارجي: “بصفتنا شركة بذلنا جهودا هائلة لتجنب حدوث تضارب في المصالح، ليس بسبب أي متطلبات قانونية، ولكن بسبب احترام منصب الرئاسة، لقد ابتعدنا عن إبرام صفقات جديدة بمليارات الدولارات، وتوقفنا عن التوسع الدولي، وتواصلنا مع مستشار قانوني خارجي لمراجعة أي معاملات مادية، وعلاوة على ذلك، تبرعنا طوعا على أساس سنوي بجميع الأرباح من رعاية الحكومة الأجنبية في ممتلكاتنا إلى وزارة الخزانة الأمريكية”.
إنفاق فندق ترامب خلال أزمة مقاطعة قطر
بعد أن فرضت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر مقاطعة على قطر في عام 2017، لم تضغط الرياض وأبوظبي والدوحة علنا على ترامب للحصول على دعمه في المساعدة بحل الأزمة فحسب، بل أنفقت أيضًا مئات الآلاف من الدولارات في فندق الرئيس السابق.
وتوضح الوثائق التي حصلت عليها لجنة الرقابة في مجلس النواب إنفاق حكومات دول الخليج الثلاث في فندق ترامب من أواخر عام 2017 حتى منتصف عام 2018، بما في ذلك مدفوعات كبيرة لحجز غرف لكبار المسؤولين الأجانب في وقت كانوا يبحثون فيه بنشاط عن دعم من إدارة ترامب في أزمة المقاطعة.
وفي ذلك الوقت، أججت الأزمة التوترات بين وزير الخارجية الأمريكي آنذاك ريكس تيلرسون وصهر ترامب، جاريد كوشنر، الذي أطلعه قادة السعودية والإمارات على خطة حكومتيهما لفرض مقاطعة على قطر قبل شهر واحد من التنفيذ.
وأشارت كارولين مالوني في خطابها إلى الأرشيف الوطني، تحديدا، إلى أن كلا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أنفقتا عشرات الآلاف من الدولارات في فندق ترامب خلال فترة حرجة استمرت 9 أيام في مارس / آذار 2018.
وتداخل توقيت الإنفاق مع إقالة تيلرسون في 13 مارس / آذار، حيث ذكرت مالوني أن “المسؤولين السعوديين والإماراتيين كانوا يضغطون على الرئيس ترامب لإقالة (تيلرسون) لدوره في وقف الغزو السعودي لقطر خلال الصيف الماضي”.
وفي وقت سابق من هذا العام، أدلى ريكس تيلرسون بشهادته خلال محاكمة توم باراك، حليف ترامب، الذي اتهمه ممثلو الادعاء بالعمل كوكيل غير مسجل لدولة الإمارات العربية المتحدة، قال خلالها إن الرئيس السابق توصل إلى فكرة عقد قمة كامب ديفيد بين الدول الثلاث لإنهاء المقاطعة بعد دعمها في البداية.
وأصدرت المحكمة حكمها بأن باراك غير مذنب لكن شهادة تيلرسون قدمت نظرة ثاقبة فريدة للدور الشخصي للرئيس السابق في محاولة التوسط بحل بين الدول الثلاث بعد دعم حكومتي الإمارات والسعودية في البداية.
وأنفقت وزارة الدفاع السعودية، في الفترة بين 7-14 مارس/أذار 2018، 85 ألف و961 دولارا، بما في ذلك استئجار عدة أجنحة بقيمة 10 آلاف و500 دولار في الليلة كانت أغلى الغرف في فندق ترامب، وفقًا لخطاب مالوني والوثائق التي حصلت عليها اللجنة.
وأضافت مالوني أنه في حين لم يتم تضمين أسماء المسؤولين السعوديين في الوثائق، يشار إلى اثنين باسم “سعادة”، مما يشير إلى أنهما من أفراد العائلة المالكة أو وزراء كبار في الحكومة.
وبشكل منفصل، أنفق وفد عسكري من سفارة الإمارات 34 ألف و37 دولارا على الغرف في فندق ترامب خلال الفترة من 8 إلى 16 مارس 2018، حسبما تظهر الوثائق.
وبعد أيام من بقاء المسؤولين السعوديين والإماراتيين في فندق ترامب، التقى ترامب مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض، حيث ناقشا الوضع في قطر وتكثيف مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعوديين. وخلال الاجتماع، أشاد ترامب بمحمد بن سلمان ووصف المملكة العربية السعودية بأنها “صديق عظيم”.
ومن غير الواضح ما إذا كان محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، قد مكث في الفندق.
كما أنفقت الحكومة القطرية أيضًا مئات الآلاف من الدولارات في فندق ترامب اعتبارا من أواخر عام 2017.
وقالت مالوني في خطابها: “بين يناير وأوائل مارس 2018، حجزت عائلة آل ثاني، العائلة الحاكمة لقطر، إقامة طويلة في فندق ترامب، حيث أنفقت ما لا يقل عن 282 ألف و 37 دولارا”.
النفقات المرتبطة بتركيا
سلطت لجنة الرقابة في مجلس النواب الضوء على إنفاق مجموعات المناصرة وجماعات الضغط المرتبطة بالحكومة التركية 86 ألف دولار على الأقل في فندق ترامب، بينما كانت وزارة العدل تحقق في “بنك خلق”، أحد البنوك التركية المملوكة للدولة، للتهرب من العقوبات الأمريكية عن طريق تحويل الأموال والذهب إلى إيران.
وكان المدعون قد اتهموا بالفعل عدة أفراد، من بينهم أحد المقربين من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقالت ان أردوغان حث ترامب في مكالمة هاتفية على إسقاط لائحة اتهام محتملة من وزارة العدل بحق بنك خلق، ورد ترامب بإنه سيطلب النظر في الأمر.
وذكرت في وقت سابق أن وزير العدل الأمريكي آنذاك بيل بار قاد بشكل شخصي جهودًا للتفاوض على تسوية مع البنك من شأنها أن تسمح له بتجنب لائحة الاتهام.
وأصر جيفري بيرمان، المدعي العام الأمريكي، على الملاحقة الجنائية، وكتب لاحقًا في مذكراته عن الفترة التي قضاها كمدع عام للولايات المتحدة، أنه يعتقد أن بار كان يفعل ما يطلبه ترامب منه للضغط على مكتبه لإسقاط التهم، وقد تمت إقالة بيرمان بعد 8 أشهر.
وعلى مدى 7 أشهر، ابتداءً من سبتمبر 2017 ، أنفق عضو جماعة الضغط والمانح لترامب، براين بالارد، 21 ألف و209 دولارا في فندق ترامب، وفقًا لخطاب مالوني وسجلات اللجنة.
ودفعت تركيا إلى شركة تابعة لبالارد 4.6 مليون دولار على مدار عامين، كما عمل في بنك خلق كعضو في جماعة ضغط للدفاع عنه.
وقال بالارد، الذي لم يُتهم بأي مخالفات : “قبل شراء مسكن في واشنطن في 2018، أقمت في عدد من الفنادق في واشنطن، بما في ذلك فندق ترامب، ودفعت الأسعار العادلة لتلك الليالي. لا يوجد شيء غير عادي أو جدير بالنشر أو جدير بالملاحظة في هذه الحقيقة”.
وقالت لجنة الرقابة إن السجلات تظهر أنه بعد يوم واحد من تسجيل خروج بالارد، اشار تدوين إلى أن “المجلس الأمريكي التركي، وهو جمعية مكونة من رجال أعمال هدفها تطوير وتحسين العلاقات التجارية والدفاعية والتقنية والثقافية بين أنقرة وواشنطن (حسبما تصفه وكالة الأناضول الرسمية التركية)، قام بإيداع مبلغ 65 ألف و139دولارا”، وقالت اللجنة إن المجلس عقد مؤتمرين في أماكن تابعة لترامب.
ووفقا لخطاب مالوني، كانت هناك إقامات فندقية برعاية السفارة التركية في وقت قريب من زيارة أردوغان لواشنطن في مايو 2017، رغم أنه من غير الواضح من السجلات المبلغ الذي أنفقته السفارة على هذه الإقامات.