كشفت مصادر في الإدارة الأمريكية ، أن رئيس الأركان الأمريكي الجنرال مارك ميلي قاد جهودا قوية، في الأسابيع الأخيرة، خلال المناقشات الداخلية حول الحرب في أوكرانيا، للبحث عن حل دبلوماسي مع اقتراب فصل الشتاء.
وبحسب المصادر، لا يحظى موقف الجنرال مارك ميلي بدعم واسع من فريق الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن، بما في ذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن, ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، وكلاهما يعتقد أن الوقت قد حان للقيام بدفع جاد لإجراء محادثات بشأن أوكرانيا.
وذكر المسؤولون أن النتيجة هي نقاش متزايد داخل الإدارة الأمريكية حول ما إذا كانت المكاسب الأخيرة التي حققتها أوكرانيا في ساحة المعركة يجب أن تثير جهودا للسعي إلى نوع من التفاوض لإنهاء القتال.
وكان رئيس الأركان الأمريكي أشاد، في تصريحات بالنادي الاقتصادي بنيويورك، يوم الأربعاء، بالجيش الأوكراني لمحاربته روسيا حتى وصلت إلى طريق مسدود، لكنه قال إن تحقيق نصر عسكري صريح بعيد المنال، وقال: “عندما تكون هناك فرصة للتفاوض، ويمكن تحقيق السلام اغتنم الفرصة”.
ورغم أن التصريحات لم تفاجئ مسؤولي الإدارة الأمريكية، نظر لمعرفتهم برأي الجنرال إلا أنها أثارت مخاوف البعض بشأن الإدارة التي تبدو منقسمة في نظر الكرملين.
وفي حين أن بعض مسؤولي إدارة جو بايدن أكثر انفتاحًا على استكشاف الشكل الذي قد تبدو عليه الجهود الدبلوماسية، فإن المصادر قالت إن معظم كبار مسؤولي الخارجية والأمن القومي قلقون من منح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أي نوع من النفوذ على طاولة المفاوضات، ويعتقدون أن الأوكرانيين يجب أن يقرروا متى يجب عليهم ذلك إجراء محادثات، وليس الولايات المتحدة.
وكان الرئيس الأمريكي قال، في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، عندما سئل عن إمكانية إجراء مفاوضات إن “الأمر متروك للأوكرانيين، لا شيء يتعلق بأوكرانيا بدون أوكرانيا”.
وفي المناقشات الداخلية، يقول المسؤولون إن الجنرال ميلي سعى لتوضيح رؤيته بأنه لا يحث على استسلام أوكرانيا، بل إنه يعتقد أن الوقت الحالي هو الوقت الأمثل للانطلاق نحو إنهاء الحرب قبل أن تستمر في الربيع أو بعده، مما يؤدي إلى المزيد من الموت والدمار دون تغيير الوضع في الخطوط الأمامية.
وقال مسؤول مطلع على رؤية رئيس الأركان الأمريكي “إنه لا يتسرع في التفاوض مع روسيا أو الضغط على ( الرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي، إنه نقاش حول وقف القتال من أجل الوصول لنهاية سياسية.”
لكن هذا الرأي لا يتم تبنيه على نطاق واسع في الإدارة الأمريكية حيث أوضح أحد المسؤولين أن وزارة الخارجية على الجانب الآخر، وقد أدى هذا إلى وضع فريد حيث يدفع القادة العسكريون بشدة من أجل اعتماد الدبلوماسية أكثر من الدبلوماسيين.
ويأتي موقف الجنرال ميلي في الوقت الذي يزيد فيه الجيش الأمريكي من إرسال الأسلحة لدعم الأوكرانيين ويجوب العالم حاليًا بحثًا عن مواد لدعم أوكرانيا مع اقتراب فصل الشتاء- مثل السخانات والمولدات الكهربائية- مما أثار مخاوف بشأن المدة التي تستغرقها هذه الحرب يمكن أن تستمر.
وقال مسؤول أمريكي إن الولايات المتحدة تعتزم شراء 100 ألف طلقة من ذخيرة المدفعية من مصنعي الأسلحة الكوريين الجنوبيين لتزويد أوكرانيا، كجزء من جهد أوسع لإيجاد أسلحة متاحة للمعارك الشديدة في أوكرانيا.
ولم يقل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، يوم الخميس، ما إذا كانت وزارة الخارجية توافق على موقف رئيس الأركان، وبدلًا من ذلك، أكد برايس على الموقف الذي أعلنه المسؤولون الأمريكيون في الأشهر الأخيرة بأن الولايات المتحدة تقف مع زيلينسكي الذي قال إن هناك حاجة إلى حل دبلوماسي.
وقال المتحدث: “لقد أوضح الأوكرانيون أنهم يعتقدون أن هذه الحرب ستنتهي في نهاية المطاف على طاولة المفاوضات، الروس عبروا من حين لآخر عن نفس الأفكار”.
وأضاف: “الأمر يقع على عاتق موسكو أن تثبت ليس فقط بالكلام، ولكن أيضًا بالأفعال أنها مستعدة للتفاوض, وتلبية ما سمعه العالم بوضوح شديد من شركائنا الأوكرانيين، وأنهم مستعدون وراغبون في الجلوس والانخراط في مفاوضات بحسن نية “.
ويأتي النقاش الداخلي في الوقت الذي حث فيه كبار المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم سوليفان، أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة على إبداء إشارة إلى أنها لا تزال منفتحة على إجراء محادثات دبلوماسية مع روسيا، حتى بعد أن وقع الرئيس الأوكراني مرسوماً في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول يستبعد إجراء مفاوضات مع بوتين.
وتتفهم الولايات المتحدة بوضوح سبب رفض زيلينسكي إجراء مفاوضات مع الدولة التي تهاجم بلاده بشكل يومي، ولم يُظهر بوتين استعدادًا يذكر للدخول في محادثات جادة أو تقديم أي تنازلات إلى كييف بدلا من ذلك، كان الهدف المباشر للولايات المتحدة هو التأكد من أن أوكرانيا يمكنها الحفاظ على الدعم الدولي الذي ساعدها على النجاح في ساحة المعركة حتى الآن.
وقال سوليفان في زيارته الأخيرة لأوكرانيا: “ستكون الولايات المتحدة مع أوكرانيا في هذه المعركة لن يكون هناك تذبذب، ولا ضعف، ولا تراجع في دعمنا، ونحن نمضي قدمًا”.