القانون الإنتخابي.. ملامح المرحلة القادمة
مقال للصحفي : وسام رشيد الغزي
يعدُّ القانون الانتخابي فيصل العملية السياسية برمتها، فهو تذكرة الدخول لمجلس النواب (أعلى سلطة تشريعية في الدول) ومن ثم بناء هيكل الحكومة وأدواتها، واختيار عناصرها بحسب حجم الكتل الفائزة، والتي تعتمد مواده وفقراته التي تَصوغ شكل التكتلات المكوِنة للسلطة.
هذا القانون الذي أقر تعديله نهاية العام 2019 ظل معلقاً بين إرادات الأحزاب وتطلعاتها بضمان الحد الأدنى لقوة قرارها، ونفوذها، وسلطتها، وبين إصرار المحتجين في ساحات الاعتصام، حيث إن قانون الانتخابات يعدُّ على رأس المطالب، والهدف الأوسع والأسمى لكل الحراك الاحتجاجي الذي يمتد لمساحات أخرى كالمراكز الفكرية والصالونات الثقافية والاجتماعي فقط بل وبعض الكتل السياسية.
من جهة أخرى فهناك أطراف برلمانية فتيّة، لها مواقع معتبرة بين صفوف الجماهير المعترضة على القوانين القديمة، التي كما يراها الكثير من المراقبين، تُرسخ بقاء الطبقة السياسية ذاتها في السلطة، وهذه الجهات أصبحت تتناغم وبشكل عملي بأهداف التغيير، الذي تحولت الى حاجة ملحة لاستمرار العملية السياسية بشكلها ومضمونها.
الجدل المحتدم الآن على منصات التواصل الاجتماعي حول بنود واستكمال القانون، والجداول المرفقة التي تحدد حجم الدوائر الانتخابية وأعدادها بكل محافظة، ينعكس على أروقة مجلس النواب، الذي يعتزم إتمامه هذه الأيام بتشجيع ودفع من بعض “المجاميع” البرلمانية التي تتميز عن غيرها بأنها تحافظ على متانة علاقاتها مع جمهورها، تلك العلاقة التي لا يمكن أن تستدام إلا بوجود عامل الثقة، والتفاعل المستمر.
موازنة العلاقة بين متطلبات السياسة والواقع العملي للسلوك داخل المؤسسة البرلمانية، وبين التمثيل الفعلي لرغبات الجماهير، لا يتحقق إلا من خلال تحفيز القوى الأخرى على تحقيق رغبات الجماهير، والتمايز الآن بين مختلف التكتلات يخلق مزاجاً عاماً حول قدرات وإمكانات النواب بطرح البدائل التي يبحث عنها الشعب، بعد جمود وتقصير استمر لسنوات طويلة.
اغتنام المواقف الحيّة التي لا تموت بضمير الشعب، والمراقبين، أهم من التمسك بزمام القرارات التي لا تجدي نفعاً مع تسارع كبير في الأحداث، وتفاقم مضطرد للأزمات، واشتداد معاناة المواطنين نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي المتردي، والفيصل في تذليل الصعوبات هو إقرار قانون انتخابي يُشعر المواطن بقدرته على اتخاذ قرارات الدولة والسلطة معاً.