وصف الرئيس العراقي برهم صالح، سوريا بـ”الحاضر الغائب” في مؤتمر قمة دول الجوار الذي تحتضنه العاصمة العراقية، بغداد، السبت، مُعتبرًا أن المنطقة لن تشهدا استقرارًا دون حل الأزمة السورية.
وأكد صالح أن العراق ماض في صعوده نحو تحقيق “نقطة التلاقي” في المنطقة، مُشددًا في الوقت ذاته على الالتزام بخطة انسحاب القوات الامريكية مع حلول نهاية العام الجاري، وفقا لاتفاق واشنطن.
تصريحات صالح جاءت خلال حديث موسع مع وفود صحفية من دول عربية وصديقة، الخميس، ضمن سلسلة لقاءات ماراثونية نظمتها الرئاسة العراقية ونقابة الصحفيين العراقيين، شملت أيضًا لقاءً خاصًا مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وسط حالة من الترقب لمخرجات المؤتمر الذي وصفه صالح بأنه مؤتمر “جوار وأصدقاء العراق”.
ورغم تفاوت مستوى تمثيل الوفود الرسمية السياسية المشاركة، إلا أن حضورًا بات مؤكدًا للعاهل اﻷردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إضافة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو الحضور الذي أشير له بأنه حضور اقتصادي داعم.
واستحوذت المشاريع الاستثمارية الإقليمية والنهوض بالاقتصاد العراقي على أبرز محاور لقاءات صالح والكاظمي، حيث قال صالح من مقره في قصر السلام، إن المنطقة دخلت في أتون حروب ونزاعات عبثية أحد أسبابها الرئيسية “تغييب العراق المستقل المقتدر الآمن مع شعبه ومع جيرانه، وقد آن اﻷوان أن يتم دعم سيادة العراق واستقلاليته، من البصرة إلى كوردستان”.
واعتبر صالح أن التحديات اﻷمنية “جسيمة لكنها ليست الوحيدة في بلد يبلغ عدد سكانه ٤٠ مليون نسمة، وأن هناك تحديات مستقبلية تتعلق البطالة والتغيرات المناخية وتقلبات الاقتصاد والتطرف والإرهاب”، لافتا لما يجري اليوم في أفغانستان وسوريا.
وعن مؤتمر بغداد، قال صالح إنه فرصة لتخفيف حدة التوترات في المنطقة، مٌشيرًا إلى أن هناك حالة من الإدراك لدى دول الإقليم بضرورة استعادة العراق لدوره المحوري، وأن المشاركة في المؤتمر تعكس الاهتمام الكبير ببلاده والرغبة في دعمه. في حين شدد على أن حل أزماته “عراقي”.
وعن طرح مقاربات جديدة بشأن حل اﻷزمة السورية، قال صالح إن العراق لطالما دعا إلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وأنها ستكون الغائب الحاضر في المؤتمر.
فيما أكد صالح أن العراق لم يطرح قضية التطبيع مع إسرائيل، قائلا “إنها غير واردة وغير مطروحة”. وأكد على حقوق الشعب الفلسطيني وعدالة القضية الفلسطينية.
من جهته، قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي،إن هناك سلسلة من المشاريع الاستثمارية الكبرى التي سيعلن عنها على ضوء المؤتمر السبت، وأن العراق يبحث عن تكامل اقتصادي واستعادة قوته بالكامل، وأن العراق يدعو جميع دول المنطقة إلى للمساهمة في خلق مساحات جديدة لبناء السلام والاستقرار.
وأكد الكاظمي انتهاء الاستعدادات الداخلية لإجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في أكتوبر/ تشرين اﻷول المقبل، معتبرًا إياها تعزيزًا للمسار الديمقراطي في البلاد، وأنها انتخابات مفصلية في التجربة الديمقراطية.
وقال الكاظمي إن لدى العراق خطة لمدة ٥ سنوات لإعادة بناء نظامه الاقتصادي.
وكشف الكاظمي عن هناك مشاريع ضخمة سيجري الإعلان عنها، بينها مشروع السكك الحديدية الممتد من شمال كوردستان العراق إلى جنوبه، بمشاركة عدة دول منها تركيا، فضلا عن مشروع السكك الحديدية مع إيران، الذي ألمح أنه قد يمتد إلى دول الخليج وإلى خط طريق الحرير الصيني.
وعن خطر تنظيم داعش، قال الكاظمي إنه لم يعد له أي حاضنة اجتماعية، و”أصبح جزءً من الماضي”، وعملياته الحالية “للبحث عن حضور إعلامي فقط”.
وفي إطار تداعيات القضية الأفغانية، قال الكاظمي إنه لا يمكن تشبيه العراق بأفغانستان التي تشهد اليوم حالة من .الفوضى، وأن الأجهزة اﻷمنية العراقية تعد مؤسسات راسخة.
وأضاف: “داعش ليس له موطئ قدم في العراق اليوم، هناك من يعتقد أن ما حصل في أفغانستان سيحصل في العراق، بالتأكيد العراق ليست افغانستان، قوتنا وجيشنا ومؤسساتنا الأمنية استعادت عافيتها وظروف العراق ليست كظروف أفغانستان…”.