إذا كنت تتساءل عن مصدر الأحجار التي ساهمت في بناء أشهر المعابد والمقابر الفرعونية في مصر القديمة، فإليك السر.
وتُعد محاجر جبل السلسلة أحد أكبر وأهم المحاجر المستخدمة بمصر لقطع الحجر الرملي، حيث بدأ استخدامها على نطاق واسع منذ بدايات عصر الأسرة الفرعونية الثامنة عشر، واستمر استخدامها حتى العصور الحديثة، وفقاً لما ذكرته وزارة السياحة والآثار المصرية.
وتمتد منطقة جبل السلسلة، وهي عبارة عن محاجر غنية جداً بالحجر الرملي، على جانبي نهر النيل بطول حوالي كيلومترين من الشمال إلى الجنوب.
واستخدم الحجـر الرملي في تشييد منشآت الدولة الحديثة، بمعابدها وتماثيلها بالأقصر والكرنك، وكذلك معابد العصر اليوناني الروماني، وفقاً للصفحة الرسمية لمنطقة آثار أسوان والنوبة.
وتتميز المحاجر القديمة، التي تمتد في سلاسل متصلة منها المغطى بالرديم، بوجود آثار ضربات الأزاميل القديمة، وتتميز كذلك بجوانبها المتساوية التي تظهر قدرة المصري القديم في النحت في قلب الحجر.
وعلى مر العصور، كانت الأحجار تُنقل على متن السفن عبر نهر النيل من المحاجر جنوباً إلى المعابد والمقابر وغيرها شمالاً، حيث يتميز موقعا أسوان وجبل السلسلة بمحاجر الجرانيت في أسوان، والحجر الرملي في جبل السلسلة.
ويوضح المصور البريطاني بول فينتن، في مقابلة أن مصر مليئة بالمواقع التاريخية الرائعة، وليس فقط المواقع السياحية الشهيرة المتعارف عليها.
ومنذ عام 1998، حاول فينتن اكتشاف المواقع الخفية في مصر، التي لا يزورها السياح عادةً.
ويشير فينتن إلى أنه نظراً لوجود جبل السلسلة على ضفاف النيل في أضيق نقطة له، فقد كانت فرصة رائعة للوصول إلى هذا الموقع، حيث تمكن من الحصول على بعض المناظر الرائعة لبقايا موقع المحجر والأضرحة.
ويصف فينتن جبل السلسلة بموقعه على ضفاف النيل بأعجوبة للنظر، مع تغير جيولوجيا المنحدرات على طول نهر النيل من الحجر الجيري إلى الحجر الرملي في هذه المنطقة.
ويضيف فينتن: “كانت المناظر الطبيعية والتضاريس مذهلة، وأثناء الإبحار في الدهبية، كان الجو العام الذي خلقته هادئًا ومريحاً للغاية. وكانت المنحدرات المذهلة تحتوي على العديد من الأضرحة والمقابر المنحوتة فيها مع وجود العديد من التماثيل والمنحوتات الصغيرة التي لا تزال واضحة تماماً”.
ويبدو جبل السلسلة أشبه بنصب تذكاري قديم بحد ذاته مع منحوتاته الأثرية، على حد وصف فينتن.
ويرى فينتن أن أهمية موقع السلسلة تتمثل في أنه يمنح نظرة ثاقبة لثقافة العمل في حياة المصري القديم، حيث كان هذا الموقع محجرًا عاملاً ، والكثير منه لا يزال مرئياً على الضفة الشرقية.
ولا تزال المقابر والأضرحة في الضفة الغربية تقدم هذا الارتباط بالماضي من خلال التماثيل والنقوش، ولكن مع جاذبية إضافية لمعرفة أنك في مكان كان في يوم من الأيام جزءاً مزدحماً من مصر القديمة، على حد تعبير فينتن.
وخلال توثيقه لجبل السلسلة، أراد فينتن التركيز على العلاقة التي تربط النيل بالموقع، ويعود السبب في ذلك إلى مدى أهمية النهر للثقافة المصرية القديمة، كوسيلة نقل للمحجر العامل، وكذلك مكانته الدينية.
ويشرح فينتن: “كان النيل مصدراً رئيسياً للحياة في مصر منذ آلاف السنين، ويسلط الموقع الضوء على هذه الحالة”.
وينصح فينتن من يرغب في زيارة منطقة جبل السلسلة بقضاء بعض الوقت في الإمعان بالهندسة المعمارية المختلفة خلال رحلة الإبحار في الماضي.