يمكن لجرعة واحدة فقط من لقاح “فايزر – بيو إن تك” ضد فيروس كورونا أن تحفز استجابة مناعية قوية بما يكفي لدى الأشخاص الذين أصيبوا بـ”كوفيد-19″ سابقاً، بحيث يمكن أن تحميهم من المرض في المستقبل، وفقاً لورقتين بحثيتين جديدتين نُشرتا في مجلة “The Lancet”، يوم الخميس.
وفي الولايات المتحدة، يُصرح بتلقي اللقاح كجرعتين تفصل بينهما فترة 21 يوماً. ومن أجل اكتساب الحماية من “كوفيد-19″، تعمل الجرعة الأولى على إعداد جهاز المناعة في الجسم بينما تعمل الثانية على تعزيزه.
وتضمنت إحدى الورقتين البحثيتين، بقيادة باحثين في كلية لندن الجامعية والصحة العامة في إنجلترا، بيانات تشمل 51 مشاركاً من العاملين في مجال الرعاية الصحية في لندن.
ومن بين المشاركين، كان لدى 24 منهم إصابة سابقة بـ”كوفيد-19″، وتلقى جميع العاملين في مجال الرعاية الصحية الجرعة الأولى من لقاح “فايزر – بيو إن تك” ثم خضعوا للفحص بحثاً عن الأجسام المضادة بعد 19 إلى 29 يوماً من تلقيهم الجرعة الأولى من اللقاح.
ووجد الباحثون أن التطعيم زاد من مستويات الأجسام المضادة لدى المشاركين الذين أصيبوا بعدوى “كوفيد-19″ طبيعية سابقة بأكثر من 140 ضعفاً.
وكتب الباحثون في الورقة البحثية أنه يبدو أن هذه الزيادة أكبر مما تم الإبلاغ عنه بعد استراتيجية لقاح التعزيز الأولي التقليدي لدى الأفراد الذين لم يصابوا بالعدوى سابقاً.
أما الورقة البحثية الأخرى، بقيادة باحثين في إمبريال كوليدج لندن ومؤسسات أخرى في المملكة المتحدة، فقد تضمنت بيانات تشمل 72 مشاركاً من العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين حصلوا على التطعيم في أواخر ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي.
وكان لدى 21 منهم دليل على إصابة سابقة بفيروس كورونا.
وقدَم المشاركون عينات الدم في وقت تلقي جرعتهم الأولى من اللقاح ثم بعد 21 إلى 25 يوماً من التطعيم.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا سابقاً، يبدو أن أجسامهم تنتج استجابات مناعية أقوى لجرعة واحدة من اللقاح، مقارنة بأولئك الذين لم يصابوا من قبل.
ومن جانبه أوضح الدكتور بول أوفيت، مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا، يوم الجمعة أن النتائج في الورقتين البحثيتين الجديدتين ليست مفاجئة.
وقال أوفيت:”ما تُظهره هذه البيانات هو ما نتوقعه بالضبط، أن الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس بشكل طبيعي، والذين طوروا بالفعل استجابة مناعية لهذا الفيروس، عندما يحصلون بعد ذلك على جرعة أولى، يصبح لديهم استجابة معززة”.
وأضاف أوفيت: “بعبارة أخرى، إنهم يتصرفون كما لو أنهم يحصلون على الجرعة الثانية”.
ومع ذلك، في الوقت الحالي، شدد أوفيت على أنه يُنصح للأشخاص الذين تعافوا سابقاً من “كوفيد-19” الحصول على جرعتين من اللقاح، عندما تتاح لهم الفرصة.
ولفت أوفيت إلى أن محاولة تجاوز الاستراتيجية الحالية لتطعيم الأشخاص، من خلال معرفة من سبق أن تعرض للإصابة بالعدوى، سيجعل عملية طرح اللقاحات أكثر صعوبة.
وأكد أوفيت أنه ليس هناك جانب سلبي لتلقي جرعتين من اللقاح بالنسبة إلى أولئك الذين أصيبوا بعدوى “كوفيد-19 سابقاً، مضيفاً أنه في أسوأ الأحوال، سيحصلون على استجابات مناعية معززة عند تلقي التطعيم.
وأضاف أوفيت: “إذا لم تصب بهذا الفيروس من قبل، فإن تلك الجرعة الثانية من لقاح الرنا المرسال تعزز بشكل كبير مناعة الخلايا التائية، وتعزز استجابة الأجسام المضادة بشكل كبير، وستوفر بلا شك حماية أكثر اكتمالًا لفترة أطول”.
وقال الدكتور فرانسيس كولينز، مدير معاهد الصحة الوطنية الأمريكية، يوم الخميس، إنه من المحتمل أن تكون جرعة واحدة من لقاح فيروس كورونا كافية لحماية الأشخاص الذين تعافوا من “كوفيد -19”.
وأوضح كولينز : “يبدو الأمر كما لو أن لدى هؤلاء الأفراد جرعة واحدة من قبل، وتعمل الجرعة الأولى في الأساس كمعزز لهم لأنهم أصيبوا بالعدوى من قبل ولديهم بالفعل بعض الأجسام المضادة التي قد تكون كافية وقد لا يحتاجون إلى الجرعة الثانية”.
وأكد كولينز أن معاهد الصحة الوطنية الأمريكية “تحاول جمع أكبر قدر ممكن من البيانات حول ذلك الآن”، ومع ذلك، أشار إلى أن استراتيجية الجرعة الواحدة للجميع، يمكن أن تؤدي إلى عواقب غير متوقعة.
وأشار إلى أنه من غير المعروف ما إذا كانت تلك طريقة يمكن من خلالها تشجيع حدوث المزيد من الطفرات في الفيروس، لأن لدى الأشخاص حماية جزئية فقط، وما إذا كان لدى الفيروس فرصة للعيش لفترة أطول قليلاً في نظام الأشخاص الذين يتلقون جرعة واحدة والتقاط بعض التغييرات.
ولفت كولينز إلى أنه حتى تظهر البيانات خلاف ذلك، فإن الجرعتين المصرح بهما بفارق ثلاثة إلى أربعة أسابيع هي النظام الذي يجب اتباعه.