كتب الصحفي وسام رشيد الغزي مقال بعنوان ” واقع الكهرباء بين الفساد … و الخطيب ”
يشكل ملف الكهرباء هاجساً مزعجاً لجميع الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 وإلى الان، وبين ضعف إرادة التنفيذ وضيّاع التخصيصات المالية الضخمة، يبقى المواطن العراقي يعاني من انعدام هذه الضرورة الحتمية للحياة.
وبعد استيزار السيد لؤي الخطيب للكهرباء استبشرت شخصياً بذلك، إذ إني كنت شاهداً لحديثه في مركز الدليل للدارسات عام 2017 مع وزير المالية الحالي الدكتور علي عبد الأمير علاوي حول مشروع “المانفيستو”، هذا المشروع الذي وضع لإنقاذ المنظومة الاقتصادية والخدمية في العراق، بما ينعكس إيجاباً على مختلف القطاعات الأخرى لا سيما قطاعي الأمن والطاقة.
كان الخطيب متحمساً وهو يصف مواضع الخلل في مؤسسات الدولة، وبارعاً في إيجاد البدائل التقنية، بعيداً عن التنظير، والكلام المرسل، كان مهنياً في تشخيص نقاط التي يمكن الاستناد عليها في عملية بناء الدولة، على أسس مختلفة، إذ لم يكن راضٍ على الأداء الحكومي، والاخفاقات الكبيرة في مجال المال والطاقة والبنى التحتية، حيث لامس تجربة لا تحمل مقومات النجاح بسبب فقدانها لأبسط مستلزماته، وهو الانتماء.
وبعد شهور من تسنمه منصب وزير الكهرباء، اطلعنا على خبر استقالته من خلال حسبه الشخصي، وعدم قدرته على مزاولة عمله لأنه غير قادر على تنفيذ برنامجه المرسوم، استقالة لمدة خمس دقائق فقط، كانت صحوة ضمير مؤقتة، سرعان ما أذيع بعدها إن أحدٍ ما قد اخترق حسابه. وفي الواقع إن شيطان الرجل كان أدهى من ضميره، ورحاب الوزارة كانت أرغب من طابور الانتظار بموقع آخر قد لا يتوفر على المدى المنظور.
والحقيقة إن هذه النقطة قد وضعت الرجل ضمن دائرة الشكوك، والبحث، والتأويلات، فسرعان ما بدأت تتكشف ملامح جديدة لأدائه، بعيدة عن وعوده، وخطة رفاقه التي ساهم بالترويج له، فبدى كأي سياسي جاء للمنصب وفق معادلة كان هو يرفضها، الا إنه أصبح عضواً في الحكومة من خلالها، ليمارس دوراً لا يختلف مطلقاً عن سابقيه، وعود لم تتحقق، وأداء يُلعِن ويستكمل مسيرة السابقين بالوقت ذاته.
أما عن محاسبة الفاسدين في الوزارة فقد أُهمل هذا الملف ولم يتطرق له سواء كان بشكلٍ صريح أو ضمني خلافاً لجميع متبنياته السابقة قبل توليه الوزارة، والأمر ينسحب على الهدر في المال العام، وسوء التخطيط، ولم نسمع يوماً بأن السيد الخطيب، المنقذ لكيان وزارة الكهرباء، قد أحال مافيات الفساد وعصابات النهب في الوزارة أو مديرياتها المتفرعة الى القضاء، أو أوقف مشروعاً واحداً من مشاريع التي يتم من خلالها هدر أموال الوزارة، ناهيك عن مراجعة مشاريع الخصصة والشركات المتعاقدة.
فضلاً عن ذلك، فقد أحيط بالرجل شبهات فساد من خلال تعاقدات الوزارة، بأرقام كبيرة قد تصل الى مليارات الدولارات. وفي خضم أزمة اقتصادية ومالية خانقة، لم يتقدم ملف الكهرباء في عهده بل هناك تراجع واضح من خلال زيادة ساعات القطع مع بداية صيف هذا العام، والذي كما يبدو سيكون إحدىٰ العناصر المهمة في رفد ساحات التظاهر، لما سيعانيه المواطنين من نقص حاد في الطاقة التي لم يُفلح الخطيب أن ينفذ فيها جزءاً من خططه التي اعلنها مراراً قبل أن يُنكرها في خِضم توليه للوزارة.