قبل فرض قيود التباعد الاجتماعي وتفشي فيروس كورونا المستجد، كان من السهل إلقاء نظرة خاطفة على الرسائل النصية لشخص يقف بقربك، سواء عند الانتظار في مترو الأنفاق أو الوقوف في طابور مزدحم.
وبذلك، استغل المصور جيف ميرملشتاين هذه الفرصة لإنشاء سلسلة من الصور، التُقطت خلسة من خلف أكتاف الغرباء.
ويعرض ميرملشتاين صوره اليوم في كتاب جديد، يُعرف باسم “nyc#”، بعد استخدامه للهاشتاغ في منشوراته عبر “إنستغرام”، إذ تجد محادثات بعضها مضحكة وأخرى مؤثرة.
ويثير المشروع أيضاً أسئلة حول الخصوصية والتصوير الفوتوغرافي، رغم أن هويات الأشخاص في صور ميرملشتاين لا تزال غير معروفة، إلا أن المحادثات غالباً ما تكون حميمية للغاية.
وقال : “اخترت الرسائل التي يمكن أن لا تنسى، ربما تكون مبهمة، أو غامضة، أو مثيرة للتفكير”. ومنذ بداية المشروع في عام 2018، جمع ميرميلشتاين حوالي 1200 صورة، بحسب تقديراته.
وتظهر إحدى الرسائل النصية محاولة شخص إقناع فرداً من أسرته بضرورة بدء العلاج الكيميائي في اليوم التالي. وفي صورة أخرى، يشارك أحد الأشخاص بعض النصائح حول كيفية حماية نفسه من فيروس كورونا.
ويُذكر، أن الصور تتوقف عند بداية جائحة “كوفيد-19″، عندما تم اتخاذ تدابير التباعد الاجتماعي في نيويورك.
وكانت الصورة الأولى التي التقطها ميرملشتاين بمحض الصدفة، عندما وجد امرأة في منتصف العمر تبحث عن معلومات عبر الإنترنت، قائلاً: “كان بحثها على غوغل ممتعاً للغاية.. غامضاً، ومضحكاً، وحزيناً”.
وكانت تسعى للحصول على المشورة بشأن ما يجب فعله بمبالغ كبيرة من المال وجدت في العلية، من المفترض أنها تعود لوالدها، لأنها كتبت أنه لم يترك وصية.
وأضاف ميرملشتاين: “كان ذلك بمثابة الباب الأول بالنسبة لي حتى أتعرف عما قد يظهر على شاشات الناس”.
وبالتالي، قرر ميرملشتاين التركيز على المحادثات النصية، على مدار العامين الماضيين، حيث التقط صوراً لشاشات الناس دون معرفتهم.
انطباعات دائمة
ويمكن أن تُعتبر صور ميرملشتاين بمثابة تسلَل، خاصة للمحادثات المؤثرة والمؤلمة، فبعضها قد يدور حول أسرار عميقة، لكنه لا يراها مختلفة عن صور الشوارع التقليدية.
لكن بعكس مصوري الشوارع الذين يبحثون دوماً عن الإيماءات والتعبير، يستكشف ميرملشتاين الأفكار الداخلية للناس من خلال كلماتهم، موضحاً: “بالنسبة لي، هذا مثير حقاً، لأنه يعطينا نوعاً مختلفاً من البصيرة حول هويتنا”.