إذا سألت أي مواطن عن الدبب المتساقطة، سيروي لك حتماً قصة حول كيفية لقائه ابن عم الكوالا الأسترالي، آكل اللحوم وذي الأنياب.
قد يصف لك كيف أصيب أحد الأقارب بجروح خطيرة أثناء هجوم الدببة المتساقطة، أو يزعمون أن صديقاً نجا بصعوبة من الموت، على يد آكل اللحوم الشرير.
لكن في الواقع جميعهم يكذبون، لأن هذه الدببة غير موجودة.
لدى الكثير من البلدان مخلوقاً يشاع أنه موجود، لكن لم يسبق أن شوهد سابقاً، مثل وحش لوخ نيس أو مخلوق يتي الخرافي.
لكن هناك أمر مختلف يتعلق بهذا الدب، حيث لا يؤمن الأستراليون بوجوده فعلاً، وإنما يُستخدم لإخافة الناس فقط.
ماذا يحدث عادة؟
يحذر الأستراليون عادة السائحين من “الدببة المتساقطة” عندما يكونوا على وشك دخول الأدغال. وعند سؤال السائح عن ذلك، يقال إنهم “مخلوقات شريرة تسقط بشكل غير متوقع من الأشجار”.
يقول إيان كوت، مؤلف ومؤسس موقع “Mythic Australia” على الإنترنت، إن الحكاية تجعل الناس ينظرون إلى الأشجار بتوتر، موضحاً: “تحصل على رد فعل جميل، إنه يتناسب مع روح الدعابة الأسترالية”.
لكن بعض الأستراليين نقل خدعة الحيوانات الزائفة إلى مستوى آخر تماماً، حيث أنشأ متحف بأستراليا صفحة معلومات على موقعه عبر الإنترنت، تحذر من مخاطر هذه الحيوانات الوهمية.
“بمجرد رؤية الفريسة، يسقط الدب من ارتفاع يبلغ ثمانية أمتار لينقض فوق الضحية.. ما يسمح له بالعض على الرقبة وإخضاعها بسرعة”، على حد قول الموقع.
ويندمج بعض المشاهير الأستراليين أيضاً في هذه اللعبة.
عندما طلبت Travel من نجم الأفلام الأسترالي، كريس هيمسورث، النصيحة بشأن تجنب سقوط الدببة في عام 2018، قال: “أحضر مظلة”.
أصول الدب المتساقط
ورغم شعبية هذه الدببة وسمعتها الدولية المتزايدة، إلا أن أصولها الفعلية غير معروفة.
لا يبدو أن أسطورة الدببة قد أثارها كتاب أو فيلم شائع معين، على سبيل المثال. وبحسب المكتبة الوطنية الأسترالية، يعود أول ظهور للدب في صحيفة “The Canberra Times” الأسترالية إلى عام 1982.
تقول رسالة غامضة في عمود التهنئة بأعياد الميلاد (ما قبل عصر الإنترنت): “احذري الدببة المتساقطة في المستقبل يا تام، بالتأكيد، من المحب كلينت”. وليس من الواضح هوية كلاً من تام أو كلينت.
لكن، يستذكر كوت قائده من الكشافة حين كان يروي قصصاً عن الدببة المتساقطة في أوائل السبعينيات.
وقال: “عندما تكون في الخارج للتخييم، تُستخدم دعابة الدببة المتساقطة القديمة عندما لا يريدونك مغادرة أرض المعسكر بعيداً جداً”.
ورغم أن الدببة أصبحت الآن قصة تخيف السياح، فمن المحتمل أنها بدأت كقصة أشباح بسيطة تستخدم لإخافة الأطفال الأستراليين.
وعند زيارة كوت الجنود من المملكة المتحدة والولايات المتحدة لأداء تمارينهم في الأدغال الأسترالية، كانو يسألون عادة عن كيفية تجنب الأستراليين العناكب والأفاعي الخطرة.
وقال كوت: “كان يرد الأستراليين، انسوا الثعابين والعناكب، إنها الدببة المتساقطة التي يجب أن تحترس منها”.
ويستذكر كوت إخباره للجنود الزائرين أن الطريقة الوحيدة لإبعادهم هي تلوين وجوههم بتوابل طعام الـ”Vegemite”.
وبعيداً عن الدببة المتساقطة، تشتهر أستراليا بمخلوقاتها القاتلة، بما في ذلك مجموعة واسعة من أسماك القرش والثعابين واثنين من أكثر العناكب سمية بالعالم.
وفي يناير/ كانون الثاني 2020، تجاوزت عمليات البحث عن الدببة المتساقطة كلاً من وحش لوخ نيس وجاكالوب الأمريكي، من حيث شعبية المخلوق الخيالي، بحسب مؤشرات “غوغل”.
وفي تطور مثير للسخرية، ظهر مؤخراً اقتراح مفاده أنه ربما كان هناك حيوان مفترس قاتل في أستراليا سقط من الأشجار ليهاجم فريسته.
تشير الدلائل الأثرية إلى وجود حيوان من نوع “أسد جرابي” خلال العصور ما قبل التاريخ، حيث عاش في أستراليا منذ آلاف السنين، وربما كان لديه القدرة على التسلق والقفز من الأشجار.
اقترح البعض أن هذا هو الأصل الحقيقي لأسطورة الدببة المتساقطة.
ويعد موقع “Mythic Australia” الآن في صدد الكتابة حول الدببة المتساقطة لتشجيع الشباب الأستراليين على الافتخار بأساطيرهم الوطنية.
ويبقى الهدف من أسطورة الدب هو ليس فقط تخويف الناس، بل جمعهم معاً، مضيفاً: “إنها مجرد متعة تساعد في بناء علاقة، فهذا يعني أن شخصين يتشاركان في النكتة”.