تحل الذكرى الأولى لانتفاضة الشارع اللبناني فيما ما يعرف بـ”ثورة 17 تشرين” على منظومة الفساد والطائفية، على وقع أزمة سياسية، مالية، نقدية، واقتصادية مستفحلة، بما يوحي أنها ليست سوى البداية، في ظل تعقد التوصل لاتفاق حول الحكومة الجديدة بعد استقالة حكومة حسان دياب في أعقاب انفجار 4 آب ببيروت الذي هز العالم، وتوقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي من شأنها أن تضع خارطة طريق لانتشال لبنان من أزمته الخانقة وغير المسبوقة.
في قراءة للمشهد السياسي مع حلول الذكرى السنوية لهذه الانتفاضة، تقول الإعلامية والناشطة السياسية اللبنانية ديما صادق في مقابلة مع CNN، إن “اسقاط الطبقة السياسية الفاسدة في لبنان لم يتحقق، لأنه تبين أن النظام اللبناني متجذر ومحمي من “حزب الله” المسلح الذي يمنع اسقاطه”. وأضافت: “نحن اقتربنا في ثورة 17 تشرين من هز هيكل هذا النظام ولكن نحن كمواطنين عزل مجردين من أي سلاح جوبهوا بالمقابل بفاسدين محميين من ميليشيا مسلحة تحركت أمامهم وقمعتهم”.
ولكن في المقابل، لفتت صادق إلى “ما تحقق من انكسار حاجز الخوف عند اللبنانيين. الطبقة السياسية اليوم تدرك أنها أصبحت محتقرة، واللبنانيون ساخطون من سياسييهم. سقطت حكومة سعد الحريري ومن ثم حكومة حسان دياب. رغم أن التغيير المنتظر لم يتحقق إلا أن ما تبدل في المشهد هو حالة التخبط والضياع الذي تعيشه السلطة السياسية حالياً”.
وأشارت إلى أن “حزب الله ليس قوة داخلية فقط بل قوة اقليمية، والنهج الميليشياوي الذي يمارسه لحماية هذه السلطة عرّض حركة المواطنين السلمية لخطر كبير”. وفي سياق متصل، حملت الاعلامية اللبنانية “الطبقة السياسية وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي الذي تشهده البلاد حيث أن الأزمة المرعبة بدأت منذ ما قبل 17 تشرين وانفجر يومها الشارع اللبناني ضدها، وبالتالي لا تتحمل الثورة مسؤولية الانهيار والأزمة التي نشهدها اليوم”، مؤكدة أن “حزب الله لم يعد قادراً على فرض كلمته كما في السابق”.
من جهته، يقول المحامي والناشط السياسي اللبناني واصف الحركة إن “17 تشرين هو ثورة تغيير حقيقية في لبنان، تغيير منظومة الفساد والطوائف لمصلحة بناء دولة مدنية وعادلة وقادرة. فالثورة مستمرة و17 تشرين كانت البداية وأهم ما أحققته هي أنها خلقت نزاعاً على عدم مشروعية قوى السلطة باعتبار أنها فقدت مشروعيتها الشعبية لحظة نزول الناس الى الشارع، بعدما وصل البلد الى الانهيار وأصبحنا أمام دولة فاشلة وساقطة” على حد وصفه.
وأكد الحركة أن “اللبنانيين أمام خيارين: إما بقاء المنظومة السياسية وزوال البلد أو اسقاطها، ونحن سنكون في معركة اسقاطها”، لافتاً الى أنّ “17 تشرين كانت انطلاقة لشرارة أن التغيير بدأ وآت لا محالة لاسقاط النظام”. وأشار إلى أنّ “الانهيار الاقتصادي والمالي الذي تشهده البلاد سببه 30 عاماً من السياسات الخاطئة ونحن توقعنا أن الاستمرار في هذا المسار سوف يؤدي إلى ما نحن عليه اليوم، لأن المعالجات لم تكن يوماً جدية”.
وشدّد الناشط السياسي والحقوقي اللبناني على أن “17 تشرين كشفت المستور فيما كان يحصل خلف الكواليس وقدمت البدائل وحذرت من أن هذه السياسات الخاطئة سوف تؤدي إلى هذه النتائج”، معتبراً أن “المنظومة السياسية اليوم في حالة ضعف وتخبط وضياع وتستدعي الخارج لإعاد تثبيتها في السلطة”.