تباينت ردود الفعل على استخدام الولايات المتحدة الأمريكية، الجمعة، حق النقض (الفيتو) خلال تصويت في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غ-ز ة.
ودعت نسخة مسودة مشروع القرار، التي قدمتها الإمارات، إلى “وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية”، وكذلك “الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن” و”ضمان وصول المساعدات الإنسانية”.
وانضمت ما لا يقل عن 97 دولة أخرى إلى هذا الجهد، وشاركت في رعاية مشروع القرار الذي صاغته الإمارات.
وصوتت 13 دولة لصالح مشروع القرار، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض وامتنعت المملكة المتحدة عن التصويت.
وقال نائب المندوبة الأمريكية في المجلس روبرت وود قال إن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار لأنه لم يذكر الهجمات التي شنتها حركة “ح-م-اس” ضد إسرائيل.
والولايات المتحدة، وهي واحدة من الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس والتي تتمتع بحق النقض، قاومت مرارا وتكرارا الدعوات إلى تطبيق وقف إطلاق النار، مؤكدة على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” في أعقاب الهجوم المباغت الذي شنته “ح-م-اس” في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وتمت الإشارة إلى الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى “ح-م-اس” إلى مشروع القرار على أمل أن يروق للولايات المتحدة.
وكان التصويت هو المحاولة السادسة التي تقوم بها المجموعة المكونة من 15 عضوا للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن الحرب المستمرة بين إسرائيل و”ح-م-اس” ولم ينجح سوى تصويت واحد سابق، والذي دعا الشهر الماضي إلى إقامة “هدن وممرات إنسانية” في غ-ز ة.
وجاء تصويت، الجمعة، بعد لجوء نادر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي سمحت له بالدعوة إلى اجتماع لمجلس الأمن بشأن “قضية قد تؤدي إلى تفاقم التهديدات القائمة لصون السلام والأمن الدوليين”، ولم يتم استخدام هذا الإجراء منذ عام 1989.
ومن جانبها، قالت بعثة المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، في بيان، إن لا يمكنها التصويت لصالح مشروع قرار “لا يدين الفظائع التي ارتكبتها ح-م-اس ضد المدنيين الإسرائيليين الأبرياء في 7 أكتوبر”.
وفي الوقت نفسه، أضافت أنها “تشعر بقلق بالغ” بشأن الوضع الإنساني في غ-ز ة وأن “مقتل المدنيين وتشريدهم في القطاع لا يمكن أن يستمر”.
وجاء في البيان: “على إسرائيل أن تكون قادرة على التصدي للتهديد الذي تشكله ح-م-اس، وعليها أن تفعل ذلك بطريقة تلتزم بالقانون الإنساني الدولي، بحيث لا يمكن تنفيذ مثل هذا الهجوم مرة أخرى”.
واتهم وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين الأمين العام للأمم المتحدة بـ”الانحياز إلى ح-م-اس” بعد أن اتخذ خطوة نادرة بتفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة للدفع من أجل وقف إطلاق النار.
وتمنح المادة 99 الأمين العام صلاحية “لفت انتباه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين”.
وقال كوهين، في منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي، إن طلب غوتيريش “يعد مثالا على موقف الأمين العام المتحيز ضد إسرائيل”، وأعرب الوزير أيضا عن امتنانه للولايات المتحدة بعد أن استخدمت حق النقض، وشكرها على “دعمها لمواصلة القتال من أجل إعادة الرهائن إلى الوطن والقضاء على منظمة ح-م-اس الإرهابية”.
وشكر سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، عبر منصة “إكس”، الولايات المتحدة الفيتو، وكذلك وشكر إردان الرئيس الأمريكي جو بايدن “على وقوفه الثابت معنا”، وأضاف: “القليل من الضوء يطرد الكثير من الظلام”.
وانتقد إردان مشروع القرار وقال إنه إذا تم تمريره، فإنه “سيسمح فعليا لح-م-اس بمواصلة حكمها الإرهابي في غ-ز ة”، وأضاف: “من المثير للصدمة أنه بينما تطلق ح-م-اس الصواريخ من المراكز السكانية في جنوب غ-ز ة، تنخرط الأمم المتحدة في نقاش منفصل حول قرار مشوه موجه إلى الجانب الخطأ ولا يدين حتى ح-م-اس”.
وفي المقابل، قال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور إنه “يوم حزين”، وأضاف أنه يعتقد أنه في يوم من الأيام “أولئك الذين لا يستطيعون رؤية الواقع سوف يتفاعلون في نهاية المطاف مع الضغوط الهائلة التي تمارسها الإنسانية، من ركن من أركان العالم إلى ركن آخر من العالم، حيث يطالب مليارات الأشخاص بوقف إطلاق النار”.
وتابع: “نحن منزعجون مثل شعبنا الغاضب والمستاء من نظام الأمم المتحدة – من الأمم المتحدة، ومن مجلس الأمن، ومن الجمعية العامة – وهم محقون في الانزعاج والغضب والإحباط لأنهم يرون آلة الحرب الإسرائيلية الضخمة هذه تقتلهم بالآلاف، ومع ذلك أصيب مجلس الأمن بالشلل”.
كما أدان رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية الفيتو الأمريكي، وقال، في بيان، إن “فشل مجلس الأمن في وقف العدوان وصمة عار ورخصة جديدة لاستمرار القتل والدمار والتهجير، واستخدام حق النقض يفضح نفاق الادعاء بالاهتمام بحياة المدنيين”.
وشكر الدول التي صوتت لصالح القرار، وحثها على “مواصلة جهودها في مجال المساعدات الإنسانية ومحاولات وقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غ-ز ة”.
وكذلك أدانت “ح-م-اس” الفيتو الأمريكي، ووصفت موقف واشنطن بأنه “غير أخلاقي وغير إنساني”، وقال عزت الرشق عضو المكتب السياسي للحركة، في بيان، إن “عرقلة أمريكا لإصدار قرار وقف إطلاق النار هو مشاركة مباشرة مع الاحتلال (الإسرائيلي) في قتل شعبنا”.
وعلى صعيد المنظمات الدولية، نددت منظمة هيومن رايتس ووتش بالفيتو الأمريكي، وقال لويس شاربونو، مدير مكتب الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش، في بيان عقب استخدام حق النقض: “من خلال الاستمرار في تزويد إسرائيل بالأسلحة والغطاء الدبلوماسي أثناء ارتكابها الفظائع، بما في ذلك العقاب الجماعي للسكان المدنيين الفلسطينيين في غ-ز ة، فإن الولايات المتحدة تخاطر بالتواطؤ في جرائم الحرب”.
وأضاف: “مرة أخرى، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لمنع مجلس الأمن من إجراء بعض الدعوات التي كانت الولايات المتحدة نفسها تطالب بها إسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية، بما في ذلك الامتثال للقانون الإنساني الدولي، وحماية المدنيين، وإطلاق سراح جميع المدنيين المحتجزين كرهائن”.
وكذلك انتقد آبي ماكسمان، الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام أمريكا، القرار أيضا، قائلا، في بيان، إن حق النقض “يضع مسمارا آخر في نعش مصداقية الولايات المتحدة في مسائل حقوق الإنسان”.
وأضاف: “اليوم، أتيحت لإدارة بايدن فرصة أخرى للارتقاء إلى مستوى خطابها النبيل الداعم لحقوق الإنسان والنظام الدولي القائم على القواعد، إن العالم مستعد لإنهاء المذبحة المروعة في غ-ز ة والتركيز على إطلاق سراح الرهائن ومساعدة الفلسطينيين”.
وقالت أنييس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، من خلال استخدام حق النقض ضد القرار “ظهرت الولايات المتحدة تجاهلا قاسيا لمعاناة المدنيين في مواجهة عدد مذهل من القتلى والدمار الواسع النطاق والكارثة الإنسانية غير المسبوقة” في غ-ز ة.
و انتقدت كالامارد الولايات المتحدة لإرسالها أسلحة إلى إسرائيل، وقالت إنها “تساهم في تدمير القطاع”.
وقالت كالامارد في بيان: “لقد استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) بوقاحة واستخدمته كسلاح لتقويض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مما أدى إلى تقويض مصداقيته وقدرته على الوفاء بتفويضه للحفاظ على السلام والأمن الدوليين”.
كما أدانت منظمة أطباء بلا حدود الفيتو الأمريكي، وقالت، في بيان: “باستخدام حق النقض ضد هذا القرار، تقف الولايات المتحدة وحدها في الإدلاء بصوتها ضد الإنسانية”، وأضافت: “لقد صدمنا فشل مجلس الأمن الدولي في تبني قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غ-ز ة”.