قالت مصادر، إن مسؤولين عسكريين أمريكيين يحاولون إبعاد إسرائيل عن ذلك النوع من القتال في المناطق الحضرية الذي شاركت فيه الولايات المتحدة خلال حرب العراق، في محاولة لمنع الإسرائيليين من التورط في قتال دموي من منزل إلى منزل أثناء قيامهم بغزو العراق خلال الاستعداد للهجوم على غزة.
وخلال مساعدة القوات الإسرائيلية على وضع عدد من الاستراتيجيات المختلفة لهزيمة حركة “حماس”، يستشهد المستشارون العسكريون الأمريكيون في إسرائيل بالدروس المستفادة على وجه التحديد من معركة الفلوجة في عام 2004، وهي واحدة من أكثر المعارك دموية في حرب العراق.
ويحث المستشارون العسكريون الأمريكيون الإسرائيليين على استخدام مزيج من الضربات الجوية الدقيقة والعمليات الخاصة، بدلا من شن هجوم بري واسع النطاق على غزة، وهو الهجوم الذي قد يعرض الرهائن والمدنيين للخطر، ويزيد من تأجيج التوترات في المنطقة.
كما أنهم يعتمد المستشارون الأمريكيون على الاستراتيجيات التي تم تطويرها خلال المعركة التي شنتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة لاستعادة مدينة الموصل العراقية من تنظيم “داعش”، والتي اعتمدت بشكل أكبر على قوات العمليات الخاصة، فمثل “حماس”، قام “داعش” ببناء الأنفاق في جميع أنحاء الموصل واستخدم المدنيين كدروع بشرية، وكان القتال من أجل استعادة المدينة أصعب وأطول مما كان متوقعا.
وللمساعدة في إيصال هذه الرسالة، أرسلت إدارة جو بايدن جنرالا من مشاة البحرية لتقديم المشورة للجيش الإسرائيلي بشأن التخطيط لهجومه التكتيكي.
وقال مسؤولون إن الجنرال جيمس جلين، القائد السابق لقيادة العمليات الخاصة للقوات البحرية، يتمتع بخبرة كبيرة في حرب المدن في العراق، وخاصة في الفلوجة، حيث قاد القوات خلال بعض من أكثر المعارك دموية هناك.
ومنذ الهجوم الذي شنته “حماس” على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول ، تزايد قلق الولايات المتحدة من أن الإستراتيجية الإسرائيلية المتمثلة في التحرك إلى غزة بعدد كبير من القوات البرية لم تكتمل بعد، ويمكن أن تؤدي إلى احتلال القوات الإسرائيلية للقطاع.
كما حثت الولايات المتحدة إسرائيل على التفكير في الكيفية التي يمكن أن يؤدي بها غزو بري واسع النطاق إلى تعريض أكثر من 200 رهينة ما زالوا محتجزين لدى “حماس” في غزة للخطر، والمدنيين الذين ليس لديهم مخرج، وما يأتي بعد الغزو من حيث حكم غزة.
وقال مصدر مطلع على المخاوف داخل إدارة بايدن: “لا أعتقد أن إسرائيل لديها استراتيجية لما ستفعله بعد ذلك” فيما يتعلق بتنفيذ غزو بري كامل.
وكذلك ذكر أشخاص مطلعون على الأمر، كانت أهداف إسرائيل واستراتيجيتها نقطة محورية في النقاش بين المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين على مدار الأسبوع الماضي، حيث يعمل الحلفاء على تنسيق النهج تجاه إسرائيل.
وتحدث بايدن، الأحد، مع زعماء فرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا والمملكة المتحدة حول الأزمة، على أمل التوافق على القضية الرئيسية المتمثلة في دعم إسرائيل مع اكتساب الوضوح بشأن طريقها إلى الأمام.
وأجرى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز اتصالات هاتفية مع شركاء وحلفاء بلاده في المنطقة، بما في ذلك جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، وشركاء الولايات المتحدة العرب وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في محاولة لمنع الصراع من التصاعد إلى حالة من الفوضى، والعمل على ضمان إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى “حماس”.
وقال المسؤولون إن بايدن شجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محادثاتهما الأخيرة على التفكير في كيفية تطور مثل هذا الغزو، وما هي استراتيجية الخروج.
وذكر مصدر مطلع أن بايدن ونتنياهو تحدثا يوم الأحد ومرة أخرى يوم الاثنين، وفي تلك المحادثات، وسعى إلى محاولة “جعل نتنياهو يستخدم رأسه، وليس قلبه”.
ومع ذلك، فإن الشعور السائد في الإداراة الأمريكية هو أنه من شبه المؤكد أن إسرائيل ستمضي قدما في غزو بري واسع النطاق، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى المشاعر الداخلية داخل إسرائيل ملتهبة للغاية لدرجة أن نتنياهو قد يشعر أنه ليس لديه خيار آخر.
وقال نتنياهو لقائد الجيش الإسرائيلي: “لدينا مهمة واحدة فقط سحق حماس، ولن نتوقف حتى نكمله بمساعدتكم.”
وفي عام 2014، شرع نتنياهو في إضعاف “حماس” من خلال غزو بري لغزة، وفي حين وجهت تلك الحرب ضربة قوية لـ”حماس”، إلا أنها شكلت تحديا كبيرا وفشلت في طرد المنظمة المسلحة من القطاع الساحلي.
وعلى الرغم من جولات التصعيد والصراع العديدة مع غزة، لم تحاول إسرائيل التوغل منذ ذلك الحين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، الاثنين: “في جميع محادثاتنا، نواصل الحديث معهم حول أهمية وجود أهداف ذات معنى، وخطة لتحقيق تلك الأهداف، ولقد انخرطنا في عدد من المستويات”.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) منخرطة في القنوات العسكرية بين الجيشين حول الشكل الذي قد تبدو عليه عملياتهم، وقال مسؤول إن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن يتحدث مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يوميا حول احتياجات إسرائيل العسكرية واستراتيجيتها، ومن بين نقاط المناقشة المتكررة كيف ستؤدي شبكة الأنفاق الواسعة التي بنتها حماس داخل غزة إلى تعقيد الغزو البري.
وكانت الرسالة الرئيسية الأخرى للولايات المتحدة وحلفائها إلى إسرائيل هي أن أي غزو يجب أن يلتزم بالقانون الإنساني الدولي.
وقال مصدر غربي، إن إسرائيل تتوخى الحذر في تخطيطها للتوغل البري لأنها تدرك أنها إذا أخطأت فإنها ستفقد مكانتها الأخلاقية، واعترفوا بأن “تلك المعركة صعبة بالفعل بالنسبة لإسرائيل”، مشيرين إلى الإدانة السريعة الموجهة إلى الحكومة الإسرائيلية بسبب انفجار المستشفى الأهلي المعمداني، الذي قالت إسرائيل إنه نتيجة صاروخ فاشل من حركة “الجهاد الإسلامي”.
والثلاثاء، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إسرائيل وعرض الدعم لنتنياهو، لكنه حذر: “هذه المعركة يجب أن تكون بلا رحمة، ولكن ليس بدون قواعد”.
واقترح ماكرون أيضًا تشكيل تحالف دولي لمواجهة “حماس”، على غرار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بهدف هزيمة “داعش” والذي تم تشكيله خلال إدارة باراك أوباما.
وقال مسؤول فرنسي : “الفكرة هي الاستفادة من تجربة التحالف الدولي ضد داعش ومعرفة الجوانب التي يمكن تكرارها ضد حماس”.
وأضاف: “للتذكير، التحالف الدولي ضد داعش لا يقتصر على العمليات على الأرض، بل يشمل أيضًا تدريب القوات العراقية، وتبادل المعلومات بين الشركاء، ومكافحة تمويل الإرهاب”.
لكن مسؤولا غربيا مطلعا على الأمر قال إن تشكيل أي تحالف دولي سيعتمد إلى حد كبير على الحصول على مزيد من الوضوح من إسرائيل بشأن أهداف غزوها البري.
وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، الأسبوع الماضي إن إسرائيل “ليس لديها مصلحة” في احتلال غزة، على الرغم من أن المسؤولين الإسرائيليين حذروا من أن العملية هناك ستكون طويلة