– أصدرت الحكومة المصرية حزمة قرارات لترشيد استهلاك الكهرباء بهدف توفير الغاز الطبيعي لتصديره للخارج وزيادة العائد من النقد الأجنبي.
شملت هذه القرارات الغلق التام للتيار الكهربائي في المباني الحكومية عقب انتهاء ساعات العمل الرسمية، عدا المباني الخدمية، وكذلك عدم إضاءة أي مبنى حكومي من الخارج، كما سيتم إغلاق الاستادات والصالات المغطاة والملاعب في ساعة محددة أثناء فترات الليل.
ويرى خبراء طاقة أن الحكومة المصرية تحاول استغلال ارتفاع سعر الغاز عالميًا وزيادة الطلب عليه بسبب الحرب الروسية الأوكرانية في توفير أكبر قدر ممكن لتصديره إلى الخارج، لحل أزمة النقد الأجنبي وسداد التزاماتها الدولية.
كان الاحتياطي النقدي لمصر تراجع للشهر الرابع على التوالي، إلى 33.143 مليار دولار خلال يوليو/ تموز الماضي بانخفاض بلغ 232 مليون دولار.
قال نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، إن الحكومة تستهدف من قرارات ترشيد استهلاك الكهرباء زيادة حجم صادراتها من الغاز الطبيعي، مُستغلة ارتفاع سعره عالميًا وحاجة الدول الأوروبية إلى الغاز في ظل العقوبات المفروضة على روسيا، التي ردت بخفض تصدير الغاز للاتحاد الأوروبي.
وحسب وسائل إعلام، بلغت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي والمسال 3.9 مليارات دولار خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الجاري مقابل 456 مليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي.
وأوضح “يوسف”، في تصريحات خاصة أن الحكومة المصرية تتخذ عدة اتجاهات لخفض استخدام الغاز الطبيعي محليًا في إنتاج الكهرباء، منها العودة إلى استخدام المازوت في محطات إنتاج الكهرباء بدلًا من الغاز، خاصة في المحطات ذات الدورة الواحدة، مستفيدة من ارتفاع سعر الغاز الذي يصل سعر تصديره 30 دولارًا، في حين يبلغ سعر المليون وحدة حرارية من المازوت 14 دولارًا، مما يؤدي إلى توفير سيولة دولارية ضخمة للدولة يمكنها من سداد التزاماتها الخارجية، حسب قوله.
في وقت سابق، قال رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، إن توفير 10% من استهلاك الغاز، الذي يتم ضخه في محطات الكهرباء سيوفر قرابة 300 مليون دولار شهريًا عبر تصديره للخارج، وحال توفير 15% من الغاز سيتم توفير 450 مليون دولار.
وحول توقعاته لحجم توفير الطاقة نتيجة إجراءات الترشيد، قال مدحت يوسف إن ذلك مرتبط بمدى تطبيق القرارات الحكومية واستجابة المواطنين لها، لافتا أن دول الاتحاد الأوروبي اتخذت إجراءات مماثلة بسبب وجود أزمة في توفيرها.
تستهدف الحكومة المصرية تحقيق فائض إضافي بمتوسط يصل إلى نحو 15% من حجم الغاز الطبيعي الذي يُضخ لمحطات الكهرباء على مدار العام، لزيادة حجم التصدير من الغاز الطبيعي، وبالتالي توفير نقد أجنبي للدولة، يمكنها من تخفيف الضغط على العملة الصعبة نتيجة ارتفاع أسعار المواد البترولية والسلع الرئيسية، بحسب بيان رسمي.
وعقدت الحكومة اجتماعها الأسبوعي، الأربعاء، بدون إضاءة المصابيح المتواجدة في داخل قاعة الاجتماع وتم الاكتفاء بالإضاءة الأساسية فقط.
وأشار نائب رئيس هيئة البترول الأسبق إلى مقترح سبق طرحه، وهو زيادة سعر الغاز الطبيعي المورد للمصانع؛ لأن الجدوى الاقتصادية لتصديره أفضل من توريده لمصانع تنتج منتجات ليست ذات قيمة مضافة عالية – حسب قوله – بسبب عدم وجود صناعات عديدة تحقق قيمة مضافة تغطي الفرق بين قيمة تصدير الغاز وقيمته محليًا، التي تبلغ 24 دولارًا.
من جانبه، قال أستاذ هندسة البترول والطاقة، رمضان أبوالعلا، إن الحكومة المصرية تستهدف بخفض استهلاك الكهرباء استغلال الزيادة الضخمة في سعر الغاز من 200 دولار لكل ألف متر مكعب منذ عام إلى 10 مرات وأحيانًا 5 مرات، مما شجع الحكومة على زيادة الفائض من الغاز للتصدير.
وأوضح “أبو العلا”، في تصريحات خاصة، أن مصر ليس لديها فائض بكميات ضخمة من الغاز، حيث تنتج حوالي 66 مليار متر مكعب سنويًا، وتستهلك نحو 62 مليار متر مكعب ليصل حجم الفائض 4 مليارات متر مكعب فقط، لكن مع ترشيد استهلاك الكهرباء قد يرفع هذا الفائض إلى 10 مليارات متر مكعب مما يسهم في توفير النقد الأجنبي، وحل جزء من مشكلة نقص الغاز عند الاتحاد الأوروبي.
وقال “أبو العلا” إن زيادة أسعار الكهرباء خفض من حجم استهلاك المواطنين للكهرباء، علاوة على تحديد الكميات الموردة من الغاز للمصانع، مما ساهم في توفير حجم مناسب من الغاز، وتوجيهه إلى محطات الإسالة بدمياط لتصديره للخارج.