كشف عالم الآثار المصري زاهي حواس عن نتائج بحث علمي يسرد ملابسات وفاة ملك في مصر القديمة، مات في سبيل إعادة توحيد مصر في القرن السادس عشر قبل الميلاد.
وأوضح حواس، في بيان عبر صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك”، أن التكنولوجيا الطبية الحديثة ساعدت في سرد قصة ملك في مصر القديمة مات في سبيل إعادة توحيد مصر في القرن السادس عشر قبل الميلاد، وذلك في البحث الذي أجراه بالتعاون مع الدكتورة سحر سليم، أستاذة الأشعة بكلية الطب بجامعة القاهرة.
ويدور البحث حول فحص مومياء الملك سقنن رع-تاعا الثاني بالأشعة المقطعية.
وحكم الفرعون سقنن رع تاعا الثاني، الملقب بالشجاع، جنوب مصر خلال احتلال البلاد من قبل الهكسوس، الذين استولوا على الدلتا في شمال مصر لمدة قرن من الزمان من 1650 إلى 1550 قبل الميلاد، بحسب ما ذكره حواس.
واُكتُشفت مومياء سقنن رع تاعا الثاني في خبيئة الدير البحري عام 1881، وفُحصت لأول مرة حينها وكذلك تم دراسة المومياء بالأشعة السينية في ستينيات القرن الماضي.
وأشارت هذه الفحوصات إلى أن الملك المتوفى قد عانى من عدة إصابات خطيرة في الرأس، ولكن لا يوجد أي إصابات في باقي الجسد.
وقد اختلفت النظريات في سبب وفاة الملك، إذ رجح البعض أن الملك قد قتل في معركة ربما على يد ملك الهكسوس نفسه، فيما أشار آخرون إلى أن سقنن رع تاعا الثاني ربما قُتل بمؤامرة أثناء نومه في قصره. ورجح آخرون أن التحنيط ربما تم على عجل بعيداً عن ورشة التحنيط الملكية، وذلك لسوء حالة المومياء.
وفي بحثهما، قدم حواس وسليم تفسيراً جديداً للأحداث قبل وبعد وفاة الملك سقنن رع، استناداً إلى صور الأشعة المقطعية ثنائية وثلاثية الأبعاد، والتي تم تركيبها بواسطة تقنيات الكمبيوتر المتطورة. ويظهر تشوه ذراعي المومياء على ما يبدو، أن سقنن رع-تاعا الثاني أُسر في ساحة المعركة، وقيدت يديه خلف ظهره، مما منعه من صد الهجوم الشرس عن وجهه.
ومن جهتها، قالت أستاذة الأشعة في جامعة القاهرة والمتخصصة في علم الأشعة القديمة، سحر سليم إن “هذا يشير إلى أن سقنن رع كان حقاً على خط المواجهة مع جنوده يخاطر بحياته مع جنوده لتحرير مصر”، وفقاً للبيان.
وقد كشف التصوير المقطعي لمومياء سقنن رع تاعا الثاني عن تفاصيل دقيقة لإصابات الرأس، بما في ذلك جروح لم يتم اكتشافها في الفحوصات السابقة حيث أخفاها المحنطون بمهارة.
وشمل البحث دراسة أسلحة مختلفة للهكسوس محفوظة بالمتحف المصري بالقاهرة وشملت فأساً، وحربه، إضافةً إلى عدة خناجر.
وأكد كل من سليم وحواس تطابق هذه الأسلحة مع إصابات سقنن رع تاعا الثاني، وتشير النتائج إلى أنه قتل من قبل مهاجمين متعددين من الهكسوس أجهزوا عليه من زوايا مختلفة وبأسلحة مختلفة، ما يكون قد جعل قتل سقنن رع بمثابة إعدام احتفالي.
كما حددت دراسة التصوير المقطعي أن سقنن رع تاعا الثاني كان يبلغ من العمر قرابة الأربعين عاماً عند وفاته، بناءً على شكل العظام، مثل مفصل الارتفاق العاني، والذي تم الكشف عنه في الصور، مما يوفر التقدير الأكثر دقة حتى الآن.
كما كشفت دراسة التصوير المقطعي المحوسب عن تفاصيل مهمة حول تحنيط جسد سقنن رع تاعا الثاني. وعلى سبيل المثال، استخدم المحنطون طريقة متطورة لإخفاء جروح رأس الملك تحت طبقة من مادة التحنيط التي تعمل بشكل مشابه للحشوات المستخدمة في الجراحة التجميلية الحديثة. وهذا يعني أن التحنيط تم في ورشة تحنيط بالفعل وليس في مكان غير معد، كما تم تفسيره سابقًا.
وتوفر هذه الدراسة تفاصيل جديدة مهمة حول نقطة محورية في تاريخ مصر الطويل، إذ حفزت وفاة سقنن رع تاع الثاني خلفاء له على مواصلة الكفاح لتوحيد مصر وبدء المملكة الجديدة، فواصل أبناء سقنن رع تاع الثاني القتال المقدس ضد الهكسوس، وفقاً لما ذكرته الدراسة.
وتعد تقنية الأشعة المقطعية إحدى تقنيات التصوير الطبي، التي تستخدم لدراسة البقايا الأثرية بما في ذلك المومياوات بشكل آمن ودون تدخل، مما يساعد على الحفاظ عليها. وساهمت تقنية الأشعة المقطعية في دراسة العديد من المومياوات الملكية المصرية، وتحديد العمر عند الوفاة، والجنس، وكذلك كيفية الوفاة.